{وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يعني: من قبل مشركي مكة، والمكر: إيصالُ المكروه إلى الإنسان من حيث لا يشعر.{فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا} أي: عند الله جزاء مكرهم وقيل: إن الله خالق مكرهم جميعا، بيده الخيرُ والشرُ، وإليه النفع والضر، فلا يضر مَكْرُ أحدٍ أحدا إلا بإذنه.{يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ} قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو {الكافر} على التوحيد، وقرأ الآخرون: {الْكُفَّارُ} على الجمع. {لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} أي: عاقبة الدار الآخرة حين يدخلون النار، ويدخل المؤمنون الجنة.{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} إني رسوله إليكم {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} يريد: مؤمني أهل الكتاب يشهدون أيضاً على ذلك.قال قتادة: هو عبد الله بن سلام.وأنكر الشعبي هذا وقال: السورة مكية، وعبد الله بن سلام أسلم بالمدينة.وقال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} أهو عبد الله بن سلام؟ فقال: وكيف يكون عبد الله بن سلام وهذه السورة مكية؟وقال الحسن ومجاهد: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} هو الله عز وجل يدل عليه: قراءة عبد الله بن عباس، {وَمِنْ عندِه} بكسر الميم والدال، أي: من عند الله عز وجل، وقرأ الحسن وسعيد بن جبير: {وَمِنْ عِندِه} بكسر الميم والدال {عُلِم الْكِتَابِ} على الفعل المجهول دليل هذه القراءة قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف- 65] وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآَنَ} [الرحمن- 1، 2].